Daniel Patrick Welch - click to return to home page


    English versions 
Arabic versions - Saudi Arabia Catalan versions Croatian versions Czech versions Danish versions Nederlandse versies Finnish versions Versions Françaises Galician versions German versions Greek versions Indonesian articles Le versioni Italiane Japanese versions Urdu versions - Pakistan Polish versions Portuguese articles Romanian versions Russian versions Serbian articles Las versiones Españolas Ukrainian versions Turkish versions

 

 

 

(8/04)

مسيرة الأمم، مسيرة الجهل

وهم مشجع في الألعاب التي تبث على التلفاز

عندي اعتراف سأدلي به. منذ طفولتي وأنا أحب الألعاب الأولمبية. فأنا مغرم بها مذ كنت كبيرا بما يكفي لأبكي عند انتهائها. كانت السنوات الأربع تبدو لي أبدية إذاك، وحفل إنزال العلم وإطفاء الشعلة كانت تترك حرقة في صدري. إن ذكريات طفولتي المبكرة مشوبة بالخبرات الأولمبية المثيرة لدرجة أنني وأنا أجري بحثا حول هذه المقالة وجدت عددا من المفاجآت. سألتني زوجتي (وهي أصغر مني سنا، ولم تتربى على متابعة التلفاز الأمريكي) إن كنت أتذكر تومي سميث وجون كارلوس وهو يؤدون بلاك بور سالوت في الألعاب الألمبية في المكسيك عام 1968. كنت أبلغ من العمر أربعا وقتها! فضحكت! لكن في وقت لاحق وجدتني مغمورا بذكرى أخرى من هذه الألعاب نفسها، وليس من عام 1972 مثلما كنت قد ظننت: لقد قضيت أنا وأخوتي طوال أيام الصيف ونحن نحاول إتقان حركة شقلبة فوزبيري على جهاز قفز مرتفع ومرتجل وضعناه في الباحة الخلفية.

لا أدري لم كنت مأخوذا إلى هذه الدرجة. قد تكون رغبة مثالية وجامحة تجاه الرياضة والمثولوجيا (جنون آخر اعتراني وأنا صغير) انجذاب لا يقاوم بالنسبة لولد صغير. لقد كنا مشدوهين بحركة جون نابور، وطبعا بناديا كوميونتشي (كما كنا نسميها ببلاهة وقتها). أمي تتحمل بعضا من اللوم والفضل، حين كدستنا جميعا ومضت بنا إلى مونتريال لقضاء أسبوعين أولمبيين في خيمة خارج المدينة. كنا في كل يوم نتمشى من مخيمنا إلى المدينة لننشط أرجلنا، ونقف في طوابير لا نهائية، لنحصل أحيانا على بعض التذاكر بسعر أعلى لأي لعبة أيا كانت. وهي تجربة صقلتنا حتى أكثر من تجربتي انا وأخي عندما أمسكوننا ونحن نسرق من حلويات المحلات القابعة على أرض المخيم.

واصلت مسيرتي في هذا الهوس فكتبت كل تقرير اختياري أتذكره، من الصف السادس إلى الثانوية العامة، في أي موضوع أولمبي. وأقولها بتواضع، فقد كتبت في الصف الذي يسبق الثانوية العامة فكرة مكررة أجريت فيها مقارنة بين الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 وبين تلك في موسكو عام 1980؛ حصلت على العلامة العليا من مدرس التاريخ الذي خصص أقل من دقيقتين من النقاش حول نظريات ماركس، طبعا لأن جرس الحصة كان قد قرع. 

ذكرياتي المبكرة لم يكن فيها بعد سياسي حتما. فوز ديك فوزبيري على جون كارلوس، مارك سبيتز على مأساة الرهائن في ميونخ عام 1972. مع قدوم الألعاب الاولمبية إلى لوس أنجلوس، استبدلت ذكرياتي المبكرة والحمد لله بجرعة جديدة من أزمة سن البلوغ. كنت أشعر بالاضطراب، وشعر رقبتي يقشعر لهتافات الجمهور الذي كان يصرخ يو، إس، إي عندما سحق رياضيونا العظماء أعداءهم من غير الشيوعيين. من سخريات الحياة أنني أثناء كتابتي لهذه الفقرة تحديدا، أسمع المذيعين وهم يتقولون عن عمق وقدرة فريق جمباز الرجال الأمريكي الذي لم يهزم منذ العام 1984 عندما كانت فرق الاتحاد السوفيتي ودول أوروبا الشرقية القوية تقاطع الأولمبياد ردا على مقاطعة الولايات المتحدة الامريكية لها في العام 1980. أتمنى لو أن تلك الصحيفة كانت معي لأكتبها مرة أخرى. أصبح بيتر ويبيروث حبيب الألعاب، والمحافظون الجدد والليبراليون الجدد في كل مكان، عندما كانوا يبيعون كل شيء تقريبا مطبوعا عليه شعار الألومبياد، وتقريبا لأن موين وبرايس فيستر لم يكونا منغمسين في الألعاب وقتها.

كان أفضل استعراض بالنسبة لي هو استعراض مسيرة الأمم. أعلم أن هذا أمر سخيف وهيلماني، لكنني كنت أحب رؤية الأعلام والأزياء من جميع أنحاء العالم. وكلما كبرت كلما قلت سذاجتي في التحليل لما كنت أشاهده من تحويل الألعاب إلى مؤسسات، والتسابق المحموم على حقوق البث على التلفاز، والجري الفاضح وراء امتيازات الاستضافة، والإعلانات التي تنتزعها وسائل الإعلام من كل ما يتوفر من صور، ناهيك عن الذين يتاجرون بآمال الناس في صناعة الإعلانات. كنا هذه السنة على وشك تخريب التناغم في مسيرة الأمم، والخروج عن النظام بسبب حماقات كاتي كوريك وبوب ساكومانو. لكن هوسي انتصر، وتمكنا من المضي قدما فيها. لكنني مع ذلك أشعر بالإحباط وبعض المرارة عندما أقول إن السحر مع كل قوته وعمقه قد زال عني.

طبعا وكالعادة تفوز إحدى محطات التلفزة الأمريكية بحقوق البث، تضمن بذلك أن يرى مليار إنسان حول العالم ترهات كاتي وبرنامج بوب السخيف. كنت أجلس أنا وزوجتي نتبادل الضحكات الصاخبة على الغباء المفروض على العالم. كنا نلغي الصوت أحيانا، ولكننا احتجنا لسماع نص لحصص تاريخ الفن التجريدي التي أصبحت جزءا من حفل الافتتاح.

ومع ذلك كان الأمر بمثابة صراع. فالتعليقات الرياضية تعبير ضعيف بالذات أمام الفساد الأمريكي الفريد والذي يحب تجنب الصمت بأي ثمن، بالذات على ما يبدو عندما لا يكون لدى المعلق ما يقوله. بروح أمريكية، سخرنا قليلا من إقامة منافسة شرب عليها: كشرب جرعة في كل مرة نسمع بها هذين التعسين وهما يتلعثمان بالكلمات عندما تدخل مجموعة جديدة من السمر غريبي الشكل، حيث دائما ما يتقلص التعليق لينصب على أزيائهم الملونة.

تفحصت أنا وجوليا الروزنامة لنتأكد من أننا في العام 2004 فعلا. هل كاتي وبوب غير مدركين لعبارة "ملابس الملونين الأصليين"؟ سيكون هذا مناسبا. أم أننا ورثنا كل مؤشر سلوكي عرقي من الإمبراطورية البريطانية البائدة مع مستعمراتها السابقة، والاعتقاد الغابر بأنه يمكننا غزوها في أي وقت بحجة نشر الديموقراطية. 

بالطبع فالبريطانيون يملكون المنظور الأخلاقي الذي يخبو بريقه أمام التزامهم بنصيب الأسد من مذابحهم في تلك الفترة الباهتة التي سبقت الحرب العالمية الثانية، عندما كان الجميع يقومون باعمال سيئة. وقد تم إقناع الأسر البريطانية التي ظهرت ولقلة حظها على أعتاب نهاية الإمبراطورية بأن قضاء السنوات الأولى في مناخ رطب أمر غير صحي (الصغار لا يقوون على تحمل الرطوبة مع شراب الجن، على ما أظن). ولهذا السبب تم إبعاد روديادر كيبلينغ، على الأقل حسب سيرته المقتضبة الكلاسيكية، عن الهند وهو في عامه السادس. أما مئات الملايين ممن يولدون هناك ليسوا سوى عاثري الحظ على ما أعتقد.

لكن في العام 2004، بعد أكثر من قرن على غونجا دين، ما يزال العالم بأسره أسير هذه الملاحظات التي تتمحور حول ذوي الأصول الإنجليزية. انضوت الإمبراطورية، انتهت العبودية، أصبح بإمكان الشواذ الزواج، وبعد ذلك، وقبل أن تشعر، عادت الملابس الملونة. هذا التقمص الجديد أذكى، مع أن بوب يعرف كيف يتحدث عن استياء  اليونانيين من السياسة الخارجية للولايات المتحدة ماضيها وحاضرها، بدون مجرد التطرق إلى المذابح المتواصلة في العراق.

لقد تم تصفية ردة الفعل الشعبية وتفسيرها من قبل المعلقين العالميين، مدخرين على المشاهدين مشقة التفكير بأنفسهم. ودعي المشاهدون لتغيير نظرة الأمريكيين إلى العالم، والتي تم اختصارها وتبسيطها بصورة مناسبة (طبعا) لتلائم الذوق الأمريكي. عندما ظهر العرب في الصورة، عاد الحديث بصورة غامضة إلى موضوع الأمن؛ وحصلت المغامرات الجديدة في الإمبريالية الأمريكية على انتباه خاص. وظهر فريق من الأفغان (من بينهم نساء حقيقيات لأول مرة!). لا يهم ما أصاب الولايات المتحدة التي تركوها وراء ظهورهم، أو أن الجيش الأمريكي أعطى إجازة لمدة أسبوعين من الجحيم؛ وكذلك الحال بالنسبة للوفد العراقي.

تشتهر قطر بلا شيء على وجه التحديد سوى كونها مقر قوات العمليات الحربية الأمريكية المسماة العراق الحرة. حسنا، أظنني أفضل الملابس الملونة الأصلية. تايوان، كوريا، الساموا الأمريكية، وغيرها من البلدان كانت مصحوبة بتفسيرات مطولة عن وضعها الجيوسياسي وأصل فرقها الأولمبية. أما فلسطين، التي حصل رياضياها على أكبر صخب في المسيرة، فقد كانت على موعد مع وقفة غريبة من المضيفين الصامتين.

ما يحزن في الأمر أن مسيرة العار سوف تمر بدون أن يشعر بها أحد في الولايات المتحدة. والنظرة المتمحورة حول الأنا- الأمريكية تعكس جهلا من مواطنينا بالعالم. لن يفقد أيا من المتحدثين وظائفهم بسبب نكاتهم الغبية، بل سيتم إعلانهما ممثلين مثاليين للعالمية الامريكية. إن الهذر الناعم والحلو والذي يتجاهل الوقائع السياسية التي تحدث فيها هذه الألعاب لا يعرف أحدا، وليس له معارض قوي ضمن حدودنا. كأمريكيين، نحن أغبياء وملقنين وكسالى أكثر مما يلزم لننظر حولنا ونرى أن الأمريكي البشع أصبح أكثر سوءا من قبل.

هذه الأولمبياد بالنسبة لي تعج بما يذكر بأن الأمريكيين يظلون جهلة بصورة خطرة بخصوص بقية العالم. إننا نحب أن نكره جورج بوش كونه من فعل بنا هذا. لكن تعاقب الأنظمة ليس علاجا إذا ما استمرت السياسات الأمريكية البغيضة، رهان مضمون بالنظر إلى الحوار الحالي الذي لا طعم له حول أية قضية لها أهمية عالمية. وفروا رسائلكم بشأن سلبيتي المفرطة، أو لعلي لا أستطيع إقناع الناس حين أقول لهم إنهم أغبياء. فطائر الكناري في منجم الفحم لا ينشد بصوت جميل كي يوقظ الناس؛ بل يرفع رأسه ويموت.

^  Top  ^

Translated by Mueen Ahmed Talal Moh’d Issa